Skip to main content

إلف المعصية

من الكتب الحلوة جدا للإمام أبو حامد الغزالي..كتاب "بداية الهداية" ..وبالمناسبة صغير نسبيا وواضح يعني ولطيف جدا.

بس فيه مقولة فيه كانت مهمة جدا في باب المعاصي وهي "“إن مشاهدة الفسق و المعصية على الدوام تزيل عن قلبك كراهية المعصية، و يهون عليك أمرها، و لذلك هان على القلوب معصية الغيبة لإلفهم لها، و لو رأوا خاتما من ذهب أو ملبوسا من حرير على فقيه لاشتد إنكارهم عليه، و الغيبة أشد من ذلك! ـ”

وهي فكرة إلف المعصية..أنك تشوف قدامك معصية بتحصل كتير جدا..فتبقى ملهاش أثر نفسي..
يعني هو مش بيكلم عن أن الغيبة أشد من لبس الذهب للرجال..فيلا نبطل ننكر ده ونضايق لما نشوفه :D يبقى حركة غبية جدا لو فهمت كدة..

هو بيكلم إن من الحاجات اللي بتحافظ على القلب هو أنك ترفض "إلف المعصية..كمجتمع في اﻷساس وكحل أخير لو مجتمع فاسد كفرد على اﻷقل.

الجيل بتاعنا الناس اللي كانت بتدعوه للدين من الدعاة الجدد كما يسموهم يعني كانوا رافعيين شعار "أكره أي غلط بس متكرهش الغلطان"..ومع إتفاقي الشديد مع الفكرة وشايفة أنها من أيام الرسول كانت أكتر كمان..فكرة أن يبقى الدين بيجمع الكل وبيصلح اللي عنده مشكلة..مش بيطلعه من الدايرة يعني..

فكرة أن المسجد مش متحف..فأنت مش بتختار الحلويين يدخلوه..أنما زي المستشفى كدة الناس تصلح فيه..

إلا أن..الشعار ده لما أتمزج بالفكر العلماني البحت..أدى لنتيجة عكسية جدا..في وجهة نظري بتدمر المجتمع يعني وبتضيع الدين..

وهو فكرة أنا مش هكرهك عشان ذنبك...وأنت حر فيه كمان يعني..ومش بعيد أحب الذنب كمان!..مجرد هفضل جوايا كره بسيط له عشان أني معملوش ..بس غيري يعمله؟ يلا ربنا معاه..المهم هو مبسوط أنا مالي

نسينا أن فكرة الذنب أساسا زي المرض..

يعني لما أنا أقولك متكرهش فلان عشان لا قدر الله جاء له مرض "جلدي" مثلا فأنت مقروف منه..مش معناه أنك تسيبه يفضل عيان ..حقيقي مش ده المقصود! وتقول عادي هو متعايش..

ونفس الفكر الدعوي ده..كان بيكرر كتير فكرة أن الدين بالاختيار فمش من حقك تفرضه على حد " فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"
بس ده مش معناه أنك متدهوش الاختيار!..

يعني لو في مثال المرض..والكفر والبعد عن الله أشد من المرض والله..
الناس دي يوم القيامة مش بعيد تحاسبنا حقيقي..

اللي هو يقولوا لربنا فلان كان معه دواء علاجي ومفكرش ولا مرة يعرضوا عليا ينقذني به!..

فكر فيها لو حد جنبك بيموت بسبب مرض..وأنت معاك العلاج ومفكرتش حتى تعرضه علي..مش تعتبر كأنك شاركت في قتله؟!

واﻵية التاني بأمثلتها الكتير..أن ربنا قال للرسول..

"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِين"

فيقوم التوجه يكمل يقولك..شفت بقى؟ سيب الناس مش لازم كله يؤمن وكدة..

اللي هو ..مش واضح أن من كتر النهي في القرآن عن أن متموتش نفسك من الحزن على كفرهم أن الرسول كان شايل هم إيمانهم أوي؟ زي الوصف في اﻵية: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا"

يعني مش معناه كبر مخك زي ما بيوصل وهما براحتهم وسيبهم ..معناه لو عرضت عليهم الدواء مليون مرة وبمليون طريقة وهما رافضيين متحسش أنك أنت اللي قتلتهم وكان في إيدك دوائهم.."

فنرجع لمقولة الغزالي..وتلاقيني والله بقول يا ريتها جت يا شيخ على فكرة المعصية اللي عن ضغف من غيبة ونميمة وذهب حتى..الواحد خايف يعتاد فكرة الكفر بالله..ناس خارجيا مؤمنين زيك زيهم..لليل نهار ينكروا حاجات في الدين..(والموضوع تخطى عن جهل وبقى عن عمد...) وكلام يجيب الهم..

وﻷن للأسف اﻷغلبية التانية اللي الحمد لله مؤمنة بالله..بقيت براحتهم..يقولوا اللي هما عايزينه..من غير حتى رد بأن على فكرة أنت مع نفسك..من غير حتى قلق على الشخص اللي بيمرض قدامهم..بقى فيه إلف واحدة واحدة..

اللي هو تخطينا فكرة أن لما واحدة تقلع حجاب في الفرح أو علطول يتقال لها مبروك عشان منكدتش عليها..لناس ممكن تمسك واحدة محجبة تقولها ها هتقلعي الحجاب أمتى..وبدل ما المحجبة ترد تقولهم أكسفوا على نفسكم..يبقى هي اللي محرجة بسبب إلف المعصية أنها حاسة أن هي اللي غريبة..ومعقدة ومصعبها عنهم..

وفي أمور تانية كتير أكبر وأقل يعني..مع إن رد الفعل مفروض يكون العكس..

يعني الخطوة اللي بعد اﻹلف..هي الدعوة للمعصية..وكفاية أن لما تجيب ذرية يبقوا محتاجين يعيشوا في كل الخلل ده يعني...

Comments

Popular posts from this blog

New First Three Years of Life by Burton L. White - بالعربي

السلام عليكم ^_^! <br /> مؤخرا قرأت كتاب عن أول مرحلة بعد الميلاد للطفل ..الثلاث أعوام الأولى. وأحببت تدوين ملخص ما أستفدت من الكتاب. هذا الملخص ليس ملخص دقيق، هو مجرد الأفكار الأهم والأساسية التي استخلصتها أثناء قراءة الكتاب وربما بعض الأفكار التي أستنجتها لم تُذكر في الكتاب حتى. الكتاب بشكل عام مقسم لقسمين..قسم يناقش الثلاث أعوام الأولى بالتفصيل عن طريق المراحل الزمانية، والنصف الأخر يعيد النصف الأول ولكن عن طريق المواضيع والقضايا المهمة. الهدف اﻷساسي للكتاب هو متابعة وتحفيز نمو الطفل بشكل صحي. فلا يوعدك الكتاب أن يجعل ابنك اﻷذكى أو أي شيء مماثل. فقط تفهم التغيرات التي يمر بها الطفل ومتابعتها والتعامل معها بالشكل الصحيح في وجهة نظر الكاتب والقضايا التي تقابل المربي في هذه الفترة. فلنبدأ بالقسم اﻷول بإيجاز: قسم الكاتب مراحل النمو للثلاث أعوام اﻷولى في حياة الطفل ل 7 مراحل زمانية وهم:  من الميلاد لست أسابيع.  من ست أسابيع لأربعة عشر أسبوع.  من ثلاث شهور ونصف لخمس شهور ونصف. من خمس شهور ونصف لثمان شهور. من ثمان شهور لأربعة عش...

عام بلا خمر

كذلك كانت عناوين معظم المقالات التي قرأتها بالأمس. بدأ الأمر بقراءةِ مقالٍ عن الحياة بلا سكرٍ أبيض.. في محاولةٍ منّي لفهم ما أتّبعهُ بشكلٍ أفضل. لكن، ومع تتابع المقالاتِ المُشابهة التي يقترحها الموقع، وجدتني أقرأُ مقالاتٍ كثيرةً ، كلها عن تحدي الحياةِ بلا خمرْ. حينها شعرتُ بأنه كان أولى بي أن أكتب عن عُمرٍ بلا خمر، وليس مجرّد عام. في الواقع، أنا بطلةٌ في نظر أحدهم من أولئك الذين يعانون كثيرًا ليُوقِفوا شرب الخمر. يحتاج التوقف عن شرب الخمر قوةً كبيرةً للغاية. ولو أننا أدركنا هذا، لكان تعامل كثيرٍ من المسلمين المسافرين والمهاجرين إلى الخارج مختلفًا جدًا مع الغرب. على أية حال، هذ ليس موضوعنا. ولكنني فكرت، لِمَ قد لا يتقبّل مني أحدٌ مقالةً عن "عامٍ بلا خمرْ" .. أو، لِمَ سأفشلُ في كتابتها مثلهم؟ الأمرُ ببساطة، أن معظم تلك المقالات تكلمت عن فوائد الإقلاع، وهذا أمرٌ لن أعرفه أنا، فأنا لم أجرّب الخمر أصلًا لأعرف قدر الخسائر التي قد يسببها لي، أو لأقدّر بشكل واضح كيف ستكون الحياة بدونه أفضل، أو أسوأ. لا أعرف كثيرًا .. وفي نهاية الأمر، أنا لا أشرب الخمر، ليس لأنه مؤذٍ في المق...

فيُغمَسُ غمسةً

فيه لحظات كدة في الوقت بتبقى بطيئة جدا..اللي هو لحظات مثلا زي انتظار أن هم معين ينفرج!.. قلقك ليلة ظهور النتيجة مثلا.. بيبقى الوقت بيعدي بطيء واللي هو ثانية وراء ثانية كلهم أثقل من بعض.. مرض حد ونفسك يخف.. حاجات كتير يعني.. فيه حاجات منها بتبقى بالسنين.. في كام حاجة منهم جربت أعمل حاجة ظريفة كدة وهو أني أكتب..أكتب لنفسي إيه شعوري..لحد ما تحصل في يوم من اﻷيام..فلما تحصل أفتكر كنت بفكر أزاي زمان.. معلش كائن مريب بطبعه..بس كنت حاسة أن دي عادة هتعلمني فيما بعد أتعلم شكر النعمة لما تيجي يعني.. وبتساعدني أفهم شعوري ونفسي بشكل أفضل والتعامل معها  بس حاجة منهم كنت بكتب لها من مدة طويلة يعني.. نقول نص الكتابات فيها بائسة ﻷنها حاجة غير محققة..والنص تاني بيتمنى أن يقول إيه لنفسي في المستقبل لو الحاجة دي أتحققت.. الحمد لله الحاجة دي تعتبر بتتحقق بشكل كبير.. بس رجعت أقرأ اللي أنا كتباه بقى..وحسيت..ياااه.. إيه كل ده؟ الموضوع أبسط من كدة بكتير..واللي هو كأني بقرأ معاناة واحدة تانية مش أنا  -- فده خلاني بشكل لا إرادي أفتكر الحديث [1] اللي فيه " ويؤتَى بأش...