من أكتر الكتب اللي كنت بحب أقرأها هي كتب مالك بن نبي. ﻷن ببساطة كان بيبقى فيها نظرة مجتمعية لكل شيء..يعني هو أساسا ينفع نقول أن كتبه كتب في علم الاجتماع يعني.
الفكرة في أن اﻷحداث والمواقف والقضايا اللي بنمر بها وبنتجادل فيها ساعات في الغالب كلها واحدة..هو الفرق اللي بيبقى ما بين شخص والتاني اللي بيسبب خلاف كبير في النقد والحكم..هو ببساطة النضارة اللي بيشوف بها الموقف ده.
وكل فريق يعني بيحاول يخلي النضارة بتاعته هي اﻷساس..وهي الطبيعية وأن هي المنطق..وأن الفريق التاني مش عارف حاجة وبيظلم نفسه نفسه وهيخسر كتير ..ويعني كان بيبقى لهم أسباب..حابة أسباب ظاهرة..وحابة أسباب خفية
وبعد ما كل واحد وصل نضارته..بقيت الناس اللي بتدافع عن النضارة دي..ما هي إلا ناس لبستها وخلاص وفكرها أنها النضارة الوحيدة..فبدافع من منطلق أن ده المنطق واﻷصل والطبيعي بدون أي دوافع أخرى.
وأنا مش مختلفة عنهم يعني.. أنا برده مقتنعة بكام نضارة معينة ..وشايفة أن كام نضارة تانية حامليها بيدمروا حياتهم بنفسهم..أه والله عادي جدا.
من اللطيف من الكتب بقى أن بتقدر تعرف بها هي النضارة دي ظهرت أمتى بقى وإيه اﻷفكار اللي سببت ظهورها وهكذا..فتقدر تحكم على النضارة شوية أكتر من مجرد الشعارات اللي بتتقال يعني.
فمثلا كتاب "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لما بيوصف أزاي تم استخدام المدارس كتعليم نظامي كأداه استعمارية ( أو بنضارتي - استخرابية - ) ..وأن ردود أفعال الناس كانت أزاي يعني..وأزاي تم تفريغ الناس من الثقافة يعني مع الوقت بوقائع وردود أفعال الناس وهكذا مش مجرد تحليل للنضارة..
أو كتب تانية اللي كانت بتذكر تاريخيا أزاي الجنرال كليبر رسائله كانت أزاي لنابليون والعكس..وحثه في التدوير عن حضارة الفراعنة وإحيائها من أجل تبديل حس الانتماء بتاع المسلمين اللي هنا من الدين إلى حضارة لسبع آلالاف سنة..
وهكذا يعني..كل كتاب بيتناقش في نضارات معينة..
يمكن تكون مجرد أحداث..بس اﻷحداث دي عادي وصلتنا اليوم ﻷن فيه حاجات بقيت فرض على ناس كتير تشوفها بشكل معين ﻷن مجرد هي دي شعارتها بين الناس..
نرجع لمالك بن نبي؟ أه ونزود عليهم كتاب علي عزت بيجوفيتش كمان "اﻹسلام بين الشرق والغرب"..
المجتمع زمان..كان فيه صفة "المجتمع" ..من حيث أنه مش مجرد تجمع بشري بس هو أفراد بتكمل بعض..فبالتالي أي قضية لما كنت بتفكر فيها كنت بتفكر فيها من نضارة مجتمعية..
فتلاقي كتب زي مالك بن نبي مش بتشوف غير بنضارة المجتمع..إيه أثر ده على المجتمع..ككل..وطبيعي تأثيرها على الناس اللي جواها بس مش كأشخاص منفصلين عن بعض يعني..أنما كحد متحرك في المجتمع.
فبالتالي فكرة عمل الرجل..زيها زي عمل المرأة..بتفكر فيها كمجتمع ده تأثيره إيه؟ إيه الظروف بتاعته ..إيه ثقافته..مش بشكل "فردي" ..أنما بشكل مجتمعي..فبالتالي اﻷمثلة اﻷستثنائية فيه ليست كافية وتبقى أستثنائية ﻷي مجتمع يعني. وطبيعي لما هنتناقش في قضية تخص أي حاجة..مش هنجيب الحاجة دي بس..أنما هنجيب أي حاجة بتأثر عليها واللي في مجتمع سليم تكاد تكون كل حاجة تانية
ونفس الكلام في كتاب علي عزت بيجوفيتش إلى حد ما..بس الفرق في كتابه..هو أنه كان بيوصف النضارة الجديدة اللي العالم كان بدأها في كل ثقافته تقريبا ..وبعدين قارنها بالحال اﻹسلامي من النضارة المختلفة المجتمعية..
فبالتالي حاليا لما كل ما يبقى فيه نقطة معينة يبقى نقاشها من حيث الفرد لا غير..هو مش مجرد رأي أخر..أنما هو ثقافة أخرى..نضارة تانية بقيت سائدة..لا تفكر إلا في مصلحة اﻷفراد كل فرد على جنب كدة..وبعدين نحاول نوفق المصالح..أنما هي نضارة مختلفة تمام..
فهو بيحسب السعادة مثلا بشكل منفصل لكل شخص..مش بحال معين لما بنوصل له ممكن كلنا نبقى سعداء حتى لو بدرجة أقل من السعادة الفردية المزعومة..
وأنا عن نفسي النضارة الفردية البحتة بالنسبة لي هي النضارة اللي بتودي نفسها في داهية بنفسها..وللأسف عاملة زي التدخين لما بتتكاثر بيبقى لها أضرار كتير على كل المحيطيين بأصحابها قبل اﻷشخاص نفسهم.
فالسؤال هو..مع كل كلام هايف أو جد معدي..الكلام ده مدرك يعني إيه مجتمع؟ ولا بالنسبة له أحنا مجرد تجمع بشري لا نمثل أي قوة؟ وهل عارف يعني إيه مجتمع سوي..ولا قشطة المهم هو يسافر ويتفسح ويشوف الدنيا بعيدا عن المخزى من الحياة ككل؟
Comments
Post a Comment