Skip to main content

تقبل اﻷلم..

كنت خلال الشهر اللي فات..قريت مقالة أروى الطويل عن ابنها الله يرحمه أيوب..وأتفرجت على محاضرة أولات أحمال وقريت مقالة ﻹحلام مصطفى.

ويحصل أن التلاتة يكونوا بيدوروا على نقطة واحدة..وهي فكرة عدم تقبل اﻷلم والاستسهال المبالغ فيه في حياتنا..اللي بيأدي لصعوبتها.

لما ركزت مع الفكرة دي شوية في دماغي..لقيت أن إلى حد كبير الموضوع ده مظبوط...وأن الموضوع زايد عن الحد عندنا.

أي قرار بيتاخد بيتطلب الحركة..والتعب...بل بيتطلب مخاطرة كبيرة جدا. المخاطرة دي..مش طبيعي نعتبرها كبيرة..ﻷنها طبيعية وصحية!

واللي بيحصل أن الناس ممكن بتقرر بنفسها متقررش حاجات كتير..خوف أو استسهال أحيانا. بس يعني زي القول بيقول "الناس من خوف الذل في ذل ومن خوف الفقر في فقر"..فبنتعب بتتعب زيادة برده

فنبدأ مثلا بأولات أحمال..الدورة كانت عن الحمل وكدة..وبدأت بسؤال لطيف جدا.. "هو الحمل حاجة أقرب للعافية ولا المرض؟" وببساطة ومن غير أي لخبطة..واضح جدا أن لو لا قدر الله واحدة غير قادرة على الحمل من اﻷساس..ده حرمان من نعمة كبيرة جدا..ربنا يعافينا وإياكم..وأن هو اللي حاجة مرضية..

وكملت المحاضرة بأن الحمل ..مرحله كلها لحد الطلق..حاجات صحية جدا. فبالتالي اﻷقرب للفطرة أننا نتقبل اﻷلم اللي فيها..والمعاندة مع ألمها والخوف منها مش هيفيد بحاجة..والهروب مثلا للقيصرية مش حل..

واللي هو أنا فكرت..الناس طول عمرها بتحمل وتولد..بل زمان يعني ويمكن فيه أماكن لسة كدة..بيولدوا في البيت وداية بتولدهم ..

يمكن لما بقينا واخديين على عاتقنا أوي..أن أحنا كدة بنتعب وهنتوجع ووو..كإنجاز بحد ذاته..بوظنا طبيعة اﻷمر؟ فكرة اﻹستسهال..بأن أنا عايز الجزء الحلو في الحاجة وبس..مش هعافر..مش هتقبل ألم ولو بسيط..حتى لو كان جزء منها.
..
بعدين مقالة أحلام..كانت عن الزواج..وأسطورة أن البنت بعد الجواز بتستت..وأن البنات بقيت بتبص للزواج على أن في الواقع لا هتستت ولا غيره..وأن هتشيل الهم والمسئولية...والمشكلة مش أنها شايفة دي كمرحلة جديدة تستعد لها..لا هي شايفها كعبىء واللي هو حاجة زيادة عن الطبيعي نفسيا لها..بينما تقبل فكرة أن التعب جزء من الحياة..وأن شيل المسئولية ده..علينا كلنا يعني..أه كل ما الدنيا تبقى سوية كل ما بيبقى فيه إيجابيات أكتر وتخلي الواحد يبقى سعيد ..بس بشكل عام..جزء من الدنيا تبقى سوية..هو أن الواحد ياخد مراحل الحياة من غير استسهال مبالغ فيه وخوف من أبسط اﻷشياء فطرة.

فمثلا..تيجي البنت يتقدم لها حد..تشوف المجتمع اللي مليان قصص رعب..عن فولانة اللي بيتعيط بالليالي واللي زهقانة واللي أطلقت ..واللي أتخانت واللي بتضرب..

ومشكلة قصص الرعب دي..مش أنها مثلا وهمية..لا وش موجودة. بس هي بتتعامل مع الجواز أو أي إيه قرار هتدخله عن أنه حاجة كدة قدر ونصيب يا تصيب يا تخيب وهتعيش باقي حياتك منحوس..
بينما اﻷمر مش كدة..في الجواز أو غيره. اﻷمر لو حصل مشكلة هتتعملي أزاي؟ لو الدنيا ضلمت هتتعملي أزاي؟ فكرة أن البنت تبقى بتفكر لما تكون ناوية تجوز حد أنها كأنها بتلعب لعبة الحظ وهتقع في يا ده يا ده..بدون فهم أو وعي لهم أن تصرفاتها وخطواتها في حياتها كلها هي اللي هتأثر في السيناريو..وهتخليه حتى لو باظ..تعرف تظبطه تاني بدون نهايات درامية الشخص فيها مجرد ضحية..وتنسى أن عادي جدا ممكن "تقع" -بالمصطلح العجيب ده- في حد كويس جدا وقدر كويس جدا وهي اللي بغبائها تبوظه وذنوبها.

فكرة الاستسهال..بتاع أنا مكسل في السرير..فأقوم ليه..فلو قمت قوموني على حاجة تستاهل..ومن غير ما أتعب.. عمرها ما هتعيش حياة سعيدة.

الناس عايشة في بؤس وشكوى من حاجات كلها نعم..حاجة تقهر حقيقي. وكل ده لمجرد عدم تقبل التعب واﻷلم..ومحدش يفهمني غلط..مش معنى أن أنا أو أحنا مش متقبلة اﻷلم أن مش هدخل فيه ولا هشيله..بنشيله عادي جدا..بس بيتشال وأنت حاسس بقهر وأن أنت عامل فوق اللي عليك وشايل هم ووو..مع أن الموضوع كان ممكن يبقى فعلا أحساس بنعمة كبيرة لو حسيت بطبيعة اﻷمر وبطلت تعانده.
فتلاقي الناس بعد ما تختار نعمها من زواج ..أطفال..سفر..أي كان وربنا الحمد لله يسرها لهم..بدل ما تشكر وتتنعم بها ..تركز في اﻷلم والخوف بشكل يضيع منها النعم.

هو ناس تانية..تخاف تختار أصلا..أصل ممكن اختيارها يطلع فيه ألم..أو تعب وتنسى أن عدم الاختيار ألم بحد ذاته.

ديما سؤال لطيف بقى لازم يكرر..هو -"الكذا" - ده اختراع؟ البشرية لسة بتجربه جديد ولا بيعمله من زمان؟ ولما تكون اﻹجابة أه..يبقى مفروض نرجع نشوف هما كان بالنسبة لهم دي حاجة طبيعية منطقية مش محتاجة أي نوع من التصعيب ولا الفزلكة أزاي..ونعيش التجربة بما يرضي الله. بدل ما بنلف حوالين نفسنا ونصعب عليها اﻷمور.

يعني حتى فكرة اﻹلحاد عند كذا حد من اللي لحظتهم..مبنية على الفكرة دي..اللي هي ليه ربنا بيعمل فينا كدة! سبحان الله عما يصفون يعني..

أحساس أنك ضحية وأن كل خطوة بتاخد نفسك بالعافية واﻹحساس الزائد باﻷلم وأي مجهود..والاستسهال في أن مفروض كل حاجة تبقى 10 على 10..وأن لو حصل غير كدة..فأنا ليه مقهور كدة..

ويبقى الفكرة اﻷساسية اللي لازم تتقال بوضوح..هو أن البديل عن الخوف والاستسهال إن جاز التعبير عنهم باللفظين دول..أو دور الضحية يعني..هو وصول لفكرة أن أي سيناريو في حياتك ممكن يقلب جنة وممكن يقلب نار..وأن أنت اللي أنت اللي لازم تعمل مجهود عشان تخليه يبقى كدة أو كدة..وأن نبقى قد اختيارتنا شوية...ونفهم أن الاختيار في اﻷخر خطوة بسيطة مدام اختارنا بما يرضي الله وصلينا استخارة لله..أنما الفكرة أنت هتكمل أزاي؟

ونتقبل اﻷلم المصاحب في الدنيا..فلا يبقى موت - لا قدر الله - بيوقف دنيا ..ولا ابتلاء بيوقف..ولا أي مصيبة لا قدر الله بتوقفها..بل نصبر..وما صبرنا إلا بالله.
وده لا يمنع أن بيبقى فيه ابتلاء في أحيان كتير..بس الخير والشر..الاتنين ابتلاء..والاتنين لا يكون التعامل معهم إلا بالشكر والصبر..

وربنا اللي بيوفقك..
وربنا اللي بيسترها..

 فنستغفره..ونستمتع بنعمه من غير خوف..ونحاول نعلم الجيل اللي جي يتقبل فطرته أكتر مننا شوية ويفهم أن دي دنيا عننا.

Comments

Popular posts from this blog

New First Three Years of Life by Burton L. White - بالعربي

السلام عليكم ^_^! <br /> مؤخرا قرأت كتاب عن أول مرحلة بعد الميلاد للطفل ..الثلاث أعوام الأولى. وأحببت تدوين ملخص ما أستفدت من الكتاب. هذا الملخص ليس ملخص دقيق، هو مجرد الأفكار الأهم والأساسية التي استخلصتها أثناء قراءة الكتاب وربما بعض الأفكار التي أستنجتها لم تُذكر في الكتاب حتى. الكتاب بشكل عام مقسم لقسمين..قسم يناقش الثلاث أعوام الأولى بالتفصيل عن طريق المراحل الزمانية، والنصف الأخر يعيد النصف الأول ولكن عن طريق المواضيع والقضايا المهمة. الهدف اﻷساسي للكتاب هو متابعة وتحفيز نمو الطفل بشكل صحي. فلا يوعدك الكتاب أن يجعل ابنك اﻷذكى أو أي شيء مماثل. فقط تفهم التغيرات التي يمر بها الطفل ومتابعتها والتعامل معها بالشكل الصحيح في وجهة نظر الكاتب والقضايا التي تقابل المربي في هذه الفترة. فلنبدأ بالقسم اﻷول بإيجاز: قسم الكاتب مراحل النمو للثلاث أعوام اﻷولى في حياة الطفل ل 7 مراحل زمانية وهم:  من الميلاد لست أسابيع.  من ست أسابيع لأربعة عشر أسبوع.  من ثلاث شهور ونصف لخمس شهور ونصف. من خمس شهور ونصف لثمان شهور. من ثمان شهور لأربعة عش...

كيف تتلو القرآن حق التلاوة؟

للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري (ت 360) قال الله عز وجل: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [ البقرة: 121] قيل في التفسير : يعملون به حق عمله (1) . فينبغي لمن أحب أن يكون من أهل القرآن، وأهل الله وخاصته، وممن وعده الله من الفضل العظيم أن يجعل القرآن ربيعا لقلبه، يعمر به ما خرب من قلبه، ويتأدب بآداب القرآن، ويتخلق بأخلاق شريفة، تَبِينُ به عن سائر الناس ممن لا يقرأ القرآن. فأول ما ينبغي له : أن يستعمل تقوى الله عز وجل في السر والعلانية، باستعمال الورع في مطعمه، ومشربه، وملبسه، ومكسبه، ويكون بصيرا بزمانه وفساد أهله، فهو يحذرهم على دينه، مقبلا على شأنه، مهموما بإصلاح ما فسد من أمره، حافظاً للسانه، مميزا لكلامه. إن تكلم: تكلم بعلم، إذا رأى الكلام صوابا. وإذا سكت: سكت بعلم، إذا كان السكوت صوابا. قليل الخوض فيما لا يعنيه، يخاف من لسانه أشد مما يخاف من عدوه، يحبس لسانه كحبسه لعدوه؛ ليأمن من شره وسوء عاقبته، قليل الضحك فيما يضحك فيه الناس، لسوء عاقبة الضحك، إن سُر بشيء مما يوافق الحق تبسم، يكره المزاح خوفا من ا...

عام بلا خمر

كذلك كانت عناوين معظم المقالات التي قرأتها بالأمس. بدأ الأمر بقراءةِ مقالٍ عن الحياة بلا سكرٍ أبيض.. في محاولةٍ منّي لفهم ما أتّبعهُ بشكلٍ أفضل. لكن، ومع تتابع المقالاتِ المُشابهة التي يقترحها الموقع، وجدتني أقرأُ مقالاتٍ كثيرةً ، كلها عن تحدي الحياةِ بلا خمرْ. حينها شعرتُ بأنه كان أولى بي أن أكتب عن عُمرٍ بلا خمر، وليس مجرّد عام. في الواقع، أنا بطلةٌ في نظر أحدهم من أولئك الذين يعانون كثيرًا ليُوقِفوا شرب الخمر. يحتاج التوقف عن شرب الخمر قوةً كبيرةً للغاية. ولو أننا أدركنا هذا، لكان تعامل كثيرٍ من المسلمين المسافرين والمهاجرين إلى الخارج مختلفًا جدًا مع الغرب. على أية حال، هذ ليس موضوعنا. ولكنني فكرت، لِمَ قد لا يتقبّل مني أحدٌ مقالةً عن "عامٍ بلا خمرْ" .. أو، لِمَ سأفشلُ في كتابتها مثلهم؟ الأمرُ ببساطة، أن معظم تلك المقالات تكلمت عن فوائد الإقلاع، وهذا أمرٌ لن أعرفه أنا، فأنا لم أجرّب الخمر أصلًا لأعرف قدر الخسائر التي قد يسببها لي، أو لأقدّر بشكل واضح كيف ستكون الحياة بدونه أفضل، أو أسوأ. لا أعرف كثيرًا .. وفي نهاية الأمر، أنا لا أشرب الخمر، ليس لأنه مؤذٍ في المق...